الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

ما بعد الستين



يتزوج الأبناء، ويتقاعد المرء عن عمله، ويظن البعض أن الحياة انتهت، وحان الوقت لإنتظار السر الإلهي للصعود، فلقد أدوا الأمانة، وبلغوا الرسالة، والقلة القليلة فقط هي من تعتقد بأن الحياة الآن قد بدأت وغالبا هذه القلة لا تقابل الشريك المناسب ولاتكتشف هذا إلا عند الوصول إلى هذه المرحلة.

زوج يعتقد أنه ما أجمل أن يذهب مع زوجته العزيزة - بعد زواج الأبناء وبعد تقاعده -هو وهي في رحلة حول العالم أو حتى رحلات قصيرة حسب مستواه المادي ليعيشا الحياة التي لم يستطيعا الحصول عليها في فترة جمع الأموال وتربية الأبناء والمسئوليات ولكنه يفاجئ بزوجته تخبره بأنهما قد كبرا على هذه الأفكار وأنها لا تستطيع أن تترك الأبناء – الذين تركوها وانشغلوا في حياتهم – والأحفاد ومسئولياتهم ومشاكلهم وتخبره بأنهم لن يأخذوا زمنهم وزمن غيرهم.

كذلك زوجة ترى أنه قد حان الوقت بعد هذا العمر وهذه المسئوليات التي تحملوها والسنين التي قضوها في سبيل الأبناء أن يعيشوا لأنفسهم ولو قليلا، ويعيدوا سعادة بداية الزواج ويفعلوا مالم يستطيعوا فعله في وجود الأبناء حولهم ولكنها تصدم بزوج يسخر منها ويتهمها بأنها متصابية ولا تعيش سنها وربما كان من القسوة أن يخبرها أن من في سنها يجب ألا تفكر سوى كيف تختم حياتها لتقابل ربها.
وهذين المثالين بعد عشرة دامت أكثر من عشرين عام زواج ينظروا للوراء قائلين لأنفسهم ليس هذا ما تمنيته وقائلين أنا لم أعش لنفسي كل هذا العمر والآن عندما أردت أن أتمتع بثمار تعبي طوال هذه السنين لا أجد شريكي بجانبي بل والأكثر يسخر مني!

ربما تحمل هذا الزوج أو هذه الزوجة مشاكل كثيرة ومعاناة في سنوات الزواج على أمل أن يتبدل الحال عندما تخف المسئوليات ويصبح لكل منهما وقت ليتفاهم ويحب الآخر دون منغصات ولكنه يتألم عندما لايحدث ذلك ويجد أن كل صبره وتحمله ذهب هباء وأنه سوف يعاني حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة أو قد يجدا سلوتهما في اللعب مع أحفادهما وقد لايستسلم الزوج كما تستسلم الزوجة  فيجد الزوج سلوته مع أخرى تعيش معه الحلم.

لن يكفي الحديث هنا لحل هذه المشكلة بعد وقوعها ولكني أوجه حديثي للشباب ليأخذوا الدرس قبل فوات الأوان، عند اختيارك لشريك حياتك يجب أن تتحدثا وتسألا عن تعريفكما  لفترة التقاعد هل تتفقان أنها فترة انتظار للنهاية أم تتفقان أنها بداية جديدة بعقل ناضج وحب اجتاز العقبات فأصبح أكثر توهجا من حب الشباب، أم تختلفان في المفهوم فيستطيع أحدكما اقناع الآخر بفكرته؟


نجد أنه عند التحدث عن أسس اختيار شريك الحياة لا يتذكر أحد هذه الفترة المهمة بل يتحدثون عن التوافق والحب والعائلة وكلها أشياء مهمة لكن أيضا أن تختار شريكك في سن الستين هو أولى منذ البداية وأحق بالتفكير فيه.

بقلمي
أميـــــــــــ محمد ــــــــــرة

كلية الزواج السعيد
انتظروا جديدنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق