الأربعاء، 22 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (أهل الاحتساب)

۞البينة الخامسة والعشرين۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۞ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۞ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۞ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ۞ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ۞

النبي صلى الله عليه وسلم يوجه الناس في رمضان على مراد آخر لله تعالى .. وهو أن يتخذ الناسُ الله َ حسيبهم

أن يستشعروا أن أعمالهم معلقة بالله وثواب كل شيئ منه وحده

ورغم أن هذه حقيقة إلا أن الناس يغفلون عنها .. فتجد الحزن وتجد القلق وتجد الشقاق والجدل

لهذا تكثر في رمضان عملية الاحتساب والترغيب فيها وفي ثوابها حتى تتعلق أعين العباد بالثواب المرجو من الله وحده

فتجد في رمضان تدريب على وسيلة معينة لها آلية معينة تأتي بنتيجة محددة .. هذه الآلية تتكرر في أكثر من شعيرة رمضانية

وسيلة محددة .. الصوم
آلية محددة .. إيماناً واحتساباً
نتيجة محددة .. غفران
============

وسيلة محددة .. القيام
آلية محددة .. إيماناً واحتساباً
نتيجة محددة .. غفران
============

وسيلة محددة .. ليلة القدر
آلية محددة .. إيماناً واحتساباً
نتيجة محددة .. غفران
============

انظر إلى الوسائل المتعددة والآلية الواحدة .. ايمانا واحتسابا

إنه التدريب على الاحتساب .. تربية الاحتساب

يقول صلى الله عليه وسلم .. " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "

ويقول صلى الله عليه وسلم .. " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"

ويقول صلى الله عليه وسلم .. " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"

ليست العلة في الغفران فحسب .. ولكن التدريب على الاحتساب .. وأن يكن ثوابنا كله مأمول من الله الحسيب وحده

فضلا عن تعظيم الأجر والتربية عن الاحتساب .. يربطك ربك بالعالم الغيبي الملائكي .. تنزل الملائكة والروح فيها .. الله عز وجل ما قطع عنا أمين الوحي جبريل بموت النبي صلوات ربي عليه واتمام رسالته

لكنه يرسل إلينا الروح الأمين جبريل عليه سلام .. مرة كل عام .. رسالة خاصة لأهل هذه الليلة .. يصافحهم فيها ويبشرهم برضوان الله .. ومعه وفد جليل عظيم من الملائكة

فقط أهل الاحتساب والإيمان هم من يصافحهم جبريل في تلك الليلة

فقط أهل الاحتساب والإيمان هم من يستشعرون نزول الوحي في تلك الليلة

فقط أهل الاحتساب والإيمان هم من يستبشرون بقدر جديد في تلك الليلة .. وتحيا قلوبهم عامرة بالحسيب جل وعلا

جعلنا الله وإياكم من أهل تلك الليلة ومن أهل العفو والغفران والرحمة والعتق من النيران والفوز بالجنة

جعلنا الله وإياكم ممن يصافحهم جبريل في تلك الليلة

جعلنا الله وإياكم ممن يعلو قدرهم ويعظم أجرهم في تلك الليلة

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا



خالص تحياتي لكم
✍ المستشار الأسري
عمر محمود

الثلاثاء، 21 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (عين جالوت)

۞البينة الرابعة والعشرين۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۞

إن تقوى الله تعالى ليست بالصيام فحسب .. ولا الخشوع والخوف من النيران والرجاء في الجنة .. ولكن اتباع الوسيلة وابتغائها .. والجهاد في سبيله ..

بتلك الثلاثة معا .. يتحقق الفلاح والرفعة والنصرة ..

 وراجعوا أزمة من أزمات الأمة وقعت في إحدى حقابها .. وكيف بتحقيق التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد تحقق الفلاح

في الخامس والعشرين من رمضان عام 658هـ ، انتصر المسلمون بقيادة المجاهد المؤمن سيف الدين قطز في المعركة الخالدة عين جالوت ..

حيث قهرت الجيوش المصرية التتار الذين قتلوا ملايين البشر من المسلمين وغيرهم ..

التتار الذين قضوا على الخليفة ودولة الخلافة وعاصمتها بغداد في عام 656هـ ..

فبعدما سحق التتار كل الإمارات الإسلامية من الصين في أقصى الشرق مرورًا بوسط آسيا وإيران والعراق والشام، فلم يتبقَّ لهم في حصادهم البشري إلا مصر، التي لو سقطت حينها لأمكن للتتار أن يرتعوا في القارة الأوربية، فضلاً عن إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي، لا يردهم في ذلك رادٌّ ..

قبل الموقعة ..

قطز يتولى حكم مصر بعد صراع على الحكم ممن قبله دام لعشر سنوات نسي فيه الحكام مطالب الشعب ..

قطز يجمع شمل المصريين .. يساعده في ذلك قيمتان عظيمتان لم يستطع أحد القضاء عليها ممن كانوا قبل قطز .. وهما ..

تقدير العلماء وتوقيرهم .. حب الناس للجهاد في سبيل الله ..

خطط قطز لتقوية جيشه ، ولتدعيم الصف الداخلي في مصر ، ولتحسين العلاقات الخارجية مع الأشقاء المسلمين ..

وبعدما احتل التتار بمعاونة الصليبيين وبعض الخونة ممن ينتسبون للإسلام بلادَ الشام، أرسلوا رسالة فيها من التهديد والوعيد إلى سلطان مصر قطز، يخبروه فيها بضرورة تسليم مصر بكل هدوء حتى لا تكون كمثيلاتها من البلدان الأخرى ..

ولكن المجاهد المؤمن لا يغتر بمثل هذه التُّرَّهات، ومن ثَمَّ أمر قطز بقطع رؤوس الرسل المغول وتعليقها في أبواب القاهرة؛ لطمأنة عموم الناس، وبثّ الأمل والثقة فيهم ..

قطز يأمر بجمع الجيوش بمعاونة سلطان العلماء (العز بن عبد السلام)

قطز يسير لملاقاة جيوش التتار على أرض الشام بدلا من انتظارهم على أرض مصر ..

قطز وجيش المرابطين المصريين يلتقون التتار في سهل عين جالوت .. قرب منطقة جينين بين بيسان ونابلس ..

وهي منطقة قريبة من منطقة حطين ومنطقة اليرموك .. وهي المناطق التي دارت بها المعارك الخالدة للمسلمين ..

نهاية التتار على يد قطز والعز بن عبد السلام سلطان العلماء ومجاهدي مصر .. في عين جالوت ..

بهذا النصر الساحق، التأم شمل المسلمين في مصر والشام والحجاز تحت قيادة الدولة المملوكية ..

هذه إحدى انتصارات رمضان التي نسأل الله أن يعيدها علينا ويكتب لأمتنا نجاة ونصرا وعزا وتمكينا



خالص تحياتي لكم
✍ المستشار الأسري
عمر محمود

الاثنين، 20 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (العقبة)

۞البينة الثالثة والعشرين۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ  ۞

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ

ومن هنا نلمح أن فضيلة الجود والانفاق والتصدق كانت سمتا من سمات النبي عليه السلام ..

وقد أمرنا الله بها كما أمرنا نبيه فكانت من شعائر ديننا الحنيف

غير أننا نجد النبي صلى الله عليه وسلم قد فاق الحدود في شهر رمضان وهو ينفق .. كان أجود ما يكون في رمضان

وكأن هناك علة مقصودة من وراء هذه الصدقة .. إنها التربية الرمضانية على الصدقة

فحين تفيض بالجود على من حولك بهذا الشكل النبوي فإن هذا الجود حتما سينال من جيرانك وأقربائك الذين ربما قد غابوا عنك على مدار العام أو غابت عنك ظروفهم الضيقة

لذلك تجد الجود البالغ المستفيض ينال من هؤلاء .. ولك أن تعلم أنها عتق لك من النار ..

ليس لأنها صدقة .. ولا لأنها ثواب مقصود وشعيرة رمضانية نبوية .. لا .. بل لأنها إن لم تفعل فهي عقبة في طريق جنتك يوم القيامة

نعم .. عقبة .. وعليك اقتحامها

تعالو نراجع سويا سورة البلد ..

بسم الله الرحمن الرحيم

1. لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ

2. وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ

3.  وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ

4.  لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ

5.  أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ

6.  يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُّبَدًا

7.  أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ

8.  أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ

9.  وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ

10. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ

11. فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ

12. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ

13.  فَكُّ رَقَبَةٍ

14. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ

15. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ

16. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ

17. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ

18.  أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ

19. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ

20. عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ

راجع تفسير السورة في أقرب كتب التفسير إليك .. ثم

تعالو نقف عند قوله تعالى .. فلا اقتحم العقبة .. يروى أن العقبة هي حائل بين العبد وبين الجنة .. يقول صاحب الظلال

فلا اقتحم العقبة . . وما أدراك ما العقبة؟  فك رقبة . أو إطعام في يوم ذي مسغبة , يتيما ذا مقربة , أو مسكينا ذا متربة . ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة . أولئك أصحاب الميمنة . .

هذه هي العقبة التي يقتحمها الإنسان - هذه هي العقبة التي تقف بينه وبين الجنة . لو تخطاها لوصل

ومن هنا نحتاج أن نقف على هذا المشروع الضخم

مشروع اقتحام العقبة

نجلس مع أولادنا وزوجاتنا وذوينا .. ونمسك بورق وقلم .. ونحصر بالاسم .. من هم الأيتام في عائلتنا .. من هم الفقراء والمساكين من أرحامنا .. ثم نحصر الفقراء من حولنا .. ونبدأ في خطة عمل لهم

إطعامهم ولو يوما واحدا .. ولو حتى قمنا بزيارات لكل منهم على حده ..

فلربما لا يمكننا أن نجمعهم جميعا في يوم واحد ..

أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ .. وليكن شعارنا واضح واسم مشروعنا واضح .. نحن نقتحم العقبة .. التي تحول بيننا وبين جنة الآخرة ..

رمضان يربينا على الجود الواسع .. أجود ما يكون في رمضان .. علنا نصل لهؤلاء .. فنقتحم العقبة قبل أن نصل للآخرة ونجدهم أمامنا يحاسبونا أمام المولى

حاول ثانية أن تقرأ السورة مجددا .. وتستلهم المقصود

لا نريدها صدقة .. نريدها اقتحاما للعقبة



خالص تحياتي لكم
✍ المستشار الأسري
عمر محمود

الأحد، 19 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (فإني قريب)

۞البينة الثانية والعشرين۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ۞

هل بعد هذه الأيام والليالي استشعرت قربك من رب العباد سبحانه .. راجع نفسك هنا قبل انقضاء الشهر

وقف هاهنا مع اللفظة "فإني قريب"

يظن القارئ لولم يكن حافظاً للآية الكريمة أن الله سيجيب عن قوله "وإذا سألك عبادي عني" بصفة من صفاته أو اسم من أسمائه الحسنى التسعة وتسعين المعروفة

ولكنه أجاب بأنه القريب .. قبل أن يجيب أنه مجيب الدعاء

وكأنه سبحانه يرجو قربنا في علياءه ..

تدرون .. هل سمعتم ربنا وهو يشكونا ويشكوا جفاءنا له ؟

تدرون .. لمن يشكونا ؟

يشكونا إلينا .. في الحديث القدسي الذي نحفظه

"إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، أرزق ويُشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرّهم إليّ صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ "

هل تستشعر أن الله يشكوك إليك .. يشكو جفاء العلاقة بيننا وبينه سبحانه

اسمع هذه الشكوى أيضاً من ربك وهو يحدث نبيه داوود عليه السلام

"يا داود لو يعلم المدبرون عنى شوقى لعودتهم ورغبتى فى توبتهم لذابــوا شوقا الى ، يا داود هذه رغبتى فى المدبرين عنى فكيف محبتى فى المقبلين علي"

الله حين جاء الحديث عن رمضان وعن الصيام قال .. فإني قريب .. وكأنه يربينا على القرب منه سبحانه في رمضان

ولهذا ربط الأمر .. أمر التدريب على القرب .. بالدعاء .. فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي

ولما جعل القرب في الدعاء تدريبا .. جعل لك دعوة مستجابة عند لحظة حرجة جدا .. عند فطره
"وللصائم عند فطره دعوة لا ترد "

فلماذا عند فطره ؟

حتى يختبر مدى قربك منه .. وعدك بهدية كبيرة فهل ستذكره .. وعدك بأن سيعطيك ما تطلب عند فطرك فهل ستذكره ؟

في اللحظة التي تنادي فيها بطنك للطعام والشراب .. وبعد جوع وعطش وحر وجهد .. الجسم ينادي والمولى ينتظرك .. ينتظرك لحظة واحدة لا تتعدى مجرد دعوة تدعوها

ليست العبرة فقط في الدعوة ولا في الإجابة .. ولكن أيضا في اختبار القرب

هو الآن قريب منك سبحانه .. فهل ستقترب أنت أيضا وتذكره .. هل سيعلو قربه على آلام الجسد من جوع وعطش

وعدك في كل يوم دعوة مجابة .. ليس يوما ولا يومين .. بل ثلاثين يوما من القرب .. ليدربك على القرب منه

هل تشعر أنك قريب منه سبحانه

إنه رمضان وتربية القرب

كل حق في حياتك يحتاج لقرب بقوة

أولادك في حياتك حق ويحتاج لقرب  .. وبقوة .. قوة في التربية ومزيداً من الاطلاع ... لا تتهاون .. فما لهم سواك.

أبوك وأمك وإخوتك حق في حياتك ورابطة لن تُعوض ... فلا تتخذ ضعف غيرهم بديلاً ... أحسن إليهم ... قرب وبقوة.

أفكارك في رأسك حق يحتاج لقرب وقوة ونور العلم ... فلا تدع ظلام البيئة الباهت هو الأقرب إليك .. يطمس هويتك.

وجودك في هذا العالم الفسيح الواسع بكل مجرياته ومتغيراته المعقدة المتشابكة .. يحتاج لرشد منك .. فلا تحقرن نفسك ... اسجد واقترب .. سيعلمك ربك أسرار هذا الكون وسيلهمك رشدك .. فقط اسجد واقترب.

۞ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ۞



خالص تحياتي لكم
المستشار الأسري
عمر محمود

السبت، 18 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (ليلة القدر .. هل نحن؟؟)

۞البينة الواحدة والعشرون۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۞ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۞

رسالة ليلة القدر

جاء في تفسيرها

أنزل الله هذا القرآن في هذه الليلة المباركة
 أولاً للإنذار والتحذير: (إنا كنا منذرين) .. فالله يعلم غفلة هذا الإنسان ونسيانه وحاجته إلى الإنذار والتنبيه  ..

 وهذه الليلة المباركة بنزول هذا القرآن ثانيا: كانت فيصلاً وفارقاً بهذا التنزيل:
(فيها يفرق كل أمر حكيم) ..

وقد فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر , وفصل فيها كل شأن , وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق , ووضعت الحدود ، وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين  ..

فلم يبق هناك أصل من الأصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح ولا مرسوم في دنيا الناس , كما هو واضح ومرسوم في الناموس الكلي القديم  ..

ومن هنا ينبغي علينا الوقوف مع أنفسنا عند تلك الليالي التي نتحرى فيها الليلة المباركة .. ليلة القدر .. وننظر لأنفسنا قبل الطلب والشروع في العبادة ..ونسأل أنفسنا ونجبها في وضوح ..

هل نحن ممن أنذرنا القرآن؟

هل نحن ممن يحتكمون للقرآن ويحكمونه في جميع شئونهم؟

هل نحن ممن يقفون مع آيات القرآن عند تلاوته وختمه ويراجعون مواقفهم وأحوالهم حسب توجيهاته؟

هل نحن نؤمن من قبل أي شيئ أن فعل الله بنا هو الفعل الحكيم والقدر الكريم .. حتى ولو كان على غير مرادنا؟

هل نحن ممن يرون فعل الله في كونه دوما فرقانا بين الحق والباطل وبين الإيمان والضلال وأنه سبحانه يسوق إلينا أقداره رحمة بنا وحرصا علينا؟

هل نحن ممن يرون ويتلمسون رحمات الله في احوالهم أيا كانت؟

هل نحن ممن يقف مع ليالي العشر الأواخر من رمضان لنعلن بين يدي الله رضانا بقدره ونرجو عفوه عن زلاتنا .. قبل أن نجأر بين يديه بالطلب؟

هل نحن حقا ممن ينشغلون في ليلة القدر بطلب العفو قبل طلب الدنيا؟

هل نحن ممن ينشغلون في الليالي الأواخر بإحيائها بذكر الله والمثول بين يديه مهما كان التعب والنصب .. كما كان يفعل صلوات ربي عليه؟

هل نحن ممن يخرجون من تلك الليلة بالرضا التام بقدره الحكيم .. أم ممن يخرجون منتظرين استجابة دعاوت متعلقة بالدنيا؟

لا حرج .. اطلب ما شئت .. ولكن اجعل قلبك على رضا بقدره .. ففيها يفرق كل أمر حكيم .. وليس كل أمر تريد

۞ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۞ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۞

صدق الله العظيم

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا

رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا




خالص تحياتي لكم
 المستشار الأسري
عمر محمود

الاثنين، 13 أبريل 2020

رمضان شهرالبينات (ذكرى فتح مكة)


۞البينة العشرون۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ۞

20 رمضان العام الثامن من الهجرة

ذكرى فتح مكة

هل تعلم ؟

أن سبب الفتح المبين كان خيانة أهل مكة للعهد .. خيانة قذرة استباحوا فيها كل شيئ ..

طالع معي ..

كان من بنود صلح الحديبية بين رسول الله وقريش ( أنه إذا أرادت قبيلة أن تنضم إلى حلف المسلمين فلها ذلك، وإذا أرادت قبيلة أن تنضمَّ إلى حلف قريش فلها ذلك، وعلى إثر هذا دخلت خزاعة في حلف الرسول عليه السلام، ودخلت بنو بكر في حلف قريش)

فهل تعلم ؟

أن بني بكر (حليفة قريش) هجمت على بني خزاعة (حليفة رسول الله) في مكة .. وقتلت منهم الكثير من الرجال ، ولم يجد بنو خزاعة بداً من الاحتماء بالكعبة نظرا لحرمتها وقدسيتها .. فأخذوا نسائهم وأطفالهم واعتصموا بالكعبة من غدر بني بكر .. خاصة وأن الكعبة تقع في القلب من قبيلة قريش .. حامية الحجيج من قبل على مدار سنين .. ومن ثم طمعوا في حماية قريش لمن يحتمي بها وبالكعبة  ..

هل تعلم ؟

أن قريش تهورت تهوراً عجيبا لم يكن من شأنها قبل ذلك .. (فهي حامية الحجيج وكل من يلحق بالبيت الحرام) .. لقد أعانت بني بكر على قتل بني خزاعة رغم تعلقهم بالبيت واحتمائهم بقريش .. بل وأمدتهم بالسلاح من أجل القضاء على بني خزاعة .. رجالاً ونساءً وأطفالاً ..

هل تعلم ؟

أن جيش بني بكر نفسه تعجب من استمرار القتل في داخل الحرم ، حتى نادوا على زعيمهم نوفل بن معاوية وقالوا: يا نوفل ، إلهك إلهك .. يعنون أن قوانين (اللات والعزى وهبل وغيرها) لم تشرع القتال داخل البيت الحرام .. ردَّ عليهم نوفل بكلمة فاجرة ، قال: لا إله اليوم ، لا إله اليوم !

ثم قال في فجور أكبر: يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟

نعم .. المجرم حين يفجر لا يراعي حرمة .. فهو يعلم أنه من قبل مجرما .. ولكنه فقط يعلن جرمه للجميع .. وقد أعلنوا جرمهم أمام قومهم

هل تعلم ؟

أن خزاعة لما أرسلت عمرو بن سالم ليطلب النصرة من رسول الله (حليفهم) وهو في المدينة وليس في مكة حيث الأحداث .. هل تعلم أن رسول الله بمجرد ما سمع عمرو بن سالم قال على الفور (نُصرت يا عمرو بن سالم) ..

لم يتباطئ .. لم يتململ .. لم يبحث عن موقف يبرر من خلاله أنه لن يذهب .. بل أجابه بالنصرة على الفور .. ومن فوره استعد للقاء مشركي مكة ..

هل تعلم ؟

أن أبا سفيان سافر لغزة وقابل هرقل .. يطلب تأييد دولي .. ولكن هل تدرون ما حدث ؟

لقد خذله هرقل .. لقد قال في محمد صلى الله عليه وسلم قولا علم منه أبو سفيان أن هرقل يخشى رسول الله وجيشه .. يقول أبو سفيان وهو خارج من عند هرقل كما روى ذلك ابن كثير (لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة – يقصد محمد - ، إنه يخافه ملكُ بني الأصفر – يقصد هرقل) ..

هل تعلم ؟

أن قريش عقدت مجلساً استشارياً كبيراً ، جلس فيه أبو سفيان مع قادة مكة ؛ مع عكرمة بن أبي جهل، ومع صفوان بن أمية ، ومع سهيل بن عمرو، ومع غيرهم من رجال مكة وزعمائها ، وبدءوا يفكرون فيما سيفعلونه نتيجة هذا الاجرام الذي أقدموا عليه ونقدهم العهد مع النبي ..

هل تعلم

أنهم أجمعوا أمرهم على أن يخرج أبو سفيان من مكة للمدينة لمقابلة رسول الله يطلب منه مد الهدنة (التهدئة) ؟ نعم والله فعلوها ..

يقول صاحب المشترك الإنساني: (وهنا نأخذ قاعدة مهمة في حياتنا الآن وإلى يوم القيامة، وهي أنه إذا كان عدوك حريصًا على السلام، وحريصًا على تجنُّب الصدام بكل ما أوتي من قوة، ويدفعك إليه دفعًا، فاعلم أنه ضعيف، أو على الأقل يخشى قوتك، فلا تضعف ولا تجبن)

هل تعلم ؟ 

وانظر للمهانة قبل الفتح المبين ..

أن أبا سفيان جاء فعلا للمدينة وقابل هؤلاء على التوالي ( ابنته أم حبيبة زوجة النبي وأم المؤمنين لتتوسط له عند النبي في اللقاء .. فصدته .. فخرج لرسول الله أرحم البشر فلم يرد عليه .. فخرج لإبي بكر فلم يشفع له عند النبي .. فخرج لعمر بن الخطاب فحطم نفسيته بكلمات البأس .. فخرج لعلي ابن أبي طالب فنهره .. فكلم زوجته فاطمة بنت رسول الله وبين يديها ابنها الحسن بن علي وطلب منها أن ترسل هذا الصغير (الحسن حفيد النبي) ليشفع له ولقريش عند جده النبي .. فما وافقت فاطمة وما أرسلت الصبي .. لهذه الدرجة كان مهانا يبحث عن مخرج من ورطته وجرمه

فطلب من علي ابن أبي طالب أن يشير عليه بحل فقال له اخرج في الناس واطلب من أحدهم أن يجيرك فقال أبو سفيان: أوَترى ذلك مُغْنِيًا عني شيئًا؟

قال علي بن أبي طالب في وضوح: لا والله ما أظن، ولكن لا أجد لك غير ذلك ..

ورغم كل هذا الإحباط .. فعل وهو زعيم مكة .. وطلب الإجارة من المسلمين فلم يُجِره أحد .. فشل سبع مرات متتالية في أن يخرجه أحد من ورطته خروجاً آمناً يأمن فيه على نفسه ودمه ..

وفي طريقه لمكة مخذولاً يحمل عاره وجرمه وما له من خلاص ولا مجير .. يقابل ثلاثة نفر ممن كانوا يباعوا ويشتروا في مكة .. إنهم بلال وصهيب وسلمان .. فتوعدوه بالقتل قائلين (والله ما أخَذَتْ سيوفُ الله من عنق عدو الله مأخذها) .. يقصدون حين يعودون عليه لنصرة بني خزاعة  ..

هل تعلم ؟

أنه لما دخل رسول الله والجيش لمكة لم تكن هناك معارك سوى معركة واحدة في جنوب شرق مكة اسمها الخندمة  ..

هل تعلم

 أن قائد مجموعة قريش في معركة الخندمة هذه .. كان عكرمة ابن أبي جهل .. وقائد كتيبة الفرسان المسلمين كان خالد ابن الوليد ..

هل تعلم

أن عكرمة وخالد كانا صديقين حميمين في الجاهلية ؟ ورغم ذلك لم يتوانى عكرمة عن مواجهة صديقه خالد المسلم .. وقاتل عكرمة قتالاً شديدا لم يقاتله من قبل .. ورغم ذلك هُزم بفضل الله ونصر الله سيفه المسلول (خالد بن الوليد) ..

نعم قاتل الصديق صديقه وكان حريصا على قتله .. ومن قبل قتلوا الناس عند بيت الله الحرام وأمدوهم بالسلاح وخرقوا كل القوانين ..

بعد كل هذا .. ورغم الدماء عند البيت الحرام  ورغم خرق القوانين ورغم مقاتلة الصديق صديقه ورغم طلب التأييد الدولي ورغم كل شيئ .. كان الفتح المبين  ..

جاء نصر الله والفتح .. رغم كل شيئ .. وأهان اللهُ عدوَ الإسلام وأخذاه في قومه وفي المسلمين وفي الملأ الدولي  ..

۞  إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ۞

صدق الله العظيم



خالص تحياتي لكم
 المستشار الأسري
عمر محمود

الأحد، 12 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (احذر)


۞البينة التاسعة عشر۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

بسم الله الرحمن الرحيم

۞  يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ۞

احذر النظرة السطحية للأمور .. واحذر أن تكون على هامش الحياة ..

فهذه الآية جائت في معرض وبداية سورة الروم حين نبأ الله تعالى بغلبة الروم بعد بضع سنين

﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾

۞ الم ﴿١﴾ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿٢﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴿٣﴾ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴿٤﴾ بِنَصْرِ اللَّـهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٥﴾ وَعْدَ اللَّـهِ لَا يُخْلِفُ اللَّـهُ وَعْدَهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦﴾ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴿٧﴾ ۞ 

الله جل في علاه يتحدى أولئك العرب المشركين الذي فرحوا بنصر المجوس من الفرس على أهل الكتاب من الروم .. وقال أن الروم ستغلب فارس خلال بضع سنوات وقد كان

ويتضح من السياق .. أن أهل الشرك يؤازر بعضهم بعضا حتى معنويا .. أهل الباطل يفرح بعضهم لبعض ولو كانوا على غير اتصال أو منفعة متبادلة .. فقط يحب بعضهم لبعض أن ينتصر على أهل الإيمان كرها في الدين ليس إلا .. عفانا الله وإياكم من تلك النفوس العفنة

كما يتضح الأمر الجلي من الله بوجوب التسليم التام لمراده وفعله في الكون ۞ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۞  .. مهما علت فئة على أخرى .. مؤمنة كانت أو كافرة .. صالحة أو طالحة .. هناك حكمة لا يعلمها إلا الله .. فلله الأمر من قبل ومن بعد .. وربك يخلق ما يشاء ويختار .. ولا علاقة في حكمه بأحكامه التي شرع وسن من جهاد ودفع وطلب .. فذلك أمر قد كلف به .. لكن النتائج له وحده ينصر من يشاء .. ويؤخر من يشاء .. سبحانه

ولكن .. ما نحن بصدده وإن كان الحديث في هذه الآيات السبع الأول كثير كثير .. ولكننا بصدد الوقوف عند إحداها حذرا واحترازا

۞ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ۞

فالله قد وصف أناسا من خلقه وهم المشركون والمفسدون أن من صفاتهم أنهم لا علم لهم بالآخرة ولا بالبحث عن الحكمة فيما وراء الأمور

هم لهم الدنيا .. وقد يتفوقون فيها .. يعلمون بعضا من علومها الظاهرة .. ويا عجب .. علومها الظاهرة .. التي يمكن لأي شخص كان أن يحصلها بجهد يسير .. فهي علوم ظاهرة ..

لكنه سبحانه أنكر عليهم غفلتهم عن الآخرة وعلوم الآخرة وسر الارتباط بالله الحكيم في كافة شئون هذا الكون وما يحدث فيه وما يدلل من خلاله على وحدانية الله العلي القدير وعظيم شأنه ووعظمة ما خلق وسوى وأبدع .. وما يوصل بالضرورة للدار الآخرة

وهو قد نعتهم بالغفلة .. وكأن من المفترض أن هذا أيضا من العلوم الظاهرة عن الآخرة وعن وحدانية الله غير أنهم غفلوا عنها ..

فكن أنت أيها المؤمن يقظ فطن ولا تغفل .. ولا تنشغل وتكتفي بظاهر من الحياة الدنيا مهما عظم شأنه

وتعلم عمق الفكرة .. وكن رائدا في مجالك توصل الناس من خلاله للمولى جل في علاه

فكل ما تعلمه من هذه الدنيا إنما هو خلق من خلقه سبحانه .. طب كان أو فلك .. تاريخ كان أو أدب .. هندسة كانت أو ملاحة .. حرفة كانت أو تجارة .. تعليم كان أو محاماة

كل ما تعلم إنما هو ظاهر من الحياة الدنيا .. مهما بلغت فيه مبلغا .. (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)

فالعلم الكثير هو العلم الموصل للحق جل وعلا .. (واتقوا الله ويعلمكم الله)

احذر أن يشغلك علمك أو عملك عن الله

احذر أن تستغل علمك أو عملك في انتزاع ما ليس لك بحق

احذر أن تستغل علمك أو عملك في نصرة ظالم وتأييده على مظلوم

احذر أن تستغل علمك أو عملك في قهر أحد وبسط نفوذك عليه

احذر أن تستغل علمك أو عملك في أكل الحرام

احذر أن تستغل علمك أو عملك في استغلال جهل الآخرين بما عندك وليس لهم به علم

احذر أن تستغل علمك أو عملك في تزييف الحقائق وطمسها

احذر أن تستغل علمك أو عملك في تلوية عنق نص أو حق أو تدليس في جناب الله

احذر أن تستغل علمك أو عملك في نشر باطل أو رذيلة أو فتنة .. وما أكثر فتن العالمين والعارفين

احذر أن تستغل علمك أو عملك في إلهاء الناس وشغلها بما لا يعنيها .. اتقوا الله في عوام الناس

احذر أن تستغل علمك أو عملك في التلبيس وأن تقول في كتاب الله بما لا تعلم ظنا من الناس أنك تعلم

احذر أن تستغل علمك أو عملك في جمع الناس على راية باطل أو صرفها عن راية حق

احذر أن تستغل علمك أو عملك في تأليب الناس على بعضهم أو أحدهم بدعوى أنك تنقذهم من براثنه

احذر أن تستغل علمك أو عملك في منكر لا يرضاه الله ورسوله

واحذر ما دون ذلك فهو أشر

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن كتاب الله وسنة نبيه

و احذر أن يصرفك علمك او عملك عن دعوة الناس من خلاله إلى الله الواحد الأحد .. فما آتاك الله وأبدعت بفضله سبحانه فيه هو من جميل نعمه عليك لتحدث به ويرى الناس عليك أثر نعمه سبحانه فتكن نبراس خير أمامهم (وأما بنعمة ربك فحدث)

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن التفكر من خلالهما في خدمة هذه الدين ونفع الناس (إني جاعل في الأرض خليفة) .. من جنس ما آتاك من علم وعمل

احذر أن يصرفك علمك او عملك الدار الآخرة وأن تعد لها العدة الصالحة

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن بصمة تضعها في الأرض فتبقى لك بها ذكرى وأثر صالح .. وبصمة ترسلها للآخرة فتسعد بلقياها ثانية

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن زكاتهما .. فلكل علم زكاة ولكل عمل زكاة .. ليست زكاة المال ولكن زكاة العلم والنعمة

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن التواضع والخشية بين يدي الله .. (إنما يخشى الله من عباده العلماء)

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن التواضع .. فلا تغتر ولا تكن كقارون (قال إنما أوتيته على علم عندي) .. ولا تكن كمن تعلموا من هاروت وماروت (إنما نحن فتنة)

احذر أن يصرفك علمك او عملك عن لذة الدنيا (ذكر الله فيها) .. ولذة النعيم المقيم في الآخرة

احذروا ظاهر الحياة الدنيا وسطحية الأمور والغفلة عن الحقيقة والحكمة من وراء كل ما بين أيديكم من علم أو عمل .. ولا تغفلوا عن آخرتكم

وظاهر الحياة الدنيا محدود صغير، مهما بدا للناس واسعا شاملا، تستغرق جهودُهم بعضَه، ولا يستقصونه في حياتهم المحدودة

والحياة كلها طرف صغير من هذا الوجود الهائل، تحكمه نواميس وسنن مستكنة في كيان هذا الوجود وتركيبه

والذي لا يتصل قلبه بضمير ذلك الوجود، ولا يتصل حسه بالنواميس والسنن التي تصرفه، يظل ينظر وكأنه لا يرى، ويبصر الشكل الظاهر والحركة الدائرة، ولكنه لا يدرك حكمته، ولا يعيش بها ومعها.

وأكثر الناس كذلك، لأن الإيمان الحق هو وحده الذي يصل ظاهر الحياة بأسرار الوجود، وهو الذي يمنح العلم روحه المدرك لأسرار الوجود.

والمؤمنون هذا الإيمان قلة في مجموع الناس .. ومن ثم تظل الأكثرية محجوبة عن المعرفة الحقيقية

۞  يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ۞

احذر النظرة السطحية للأمور .. واحذر أن تكون على هامش الحياة ..



خالص تحياتي لكم
 المستشار الأسري
عمر محمود

السبت، 11 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (أمة تعي)


۞البينة الثامنة عشر۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

۞ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ۞

اللطيف .. سبحانه جل في علاه

هو اللطيف وإن بدا لك في تشريعه غير ذلك ..

استمع لكلام العز بن عبد السلام .. سلطان العلماء

"ربما كانت أسباب المصالح مفاسد فيؤمر بها أو تباح، لا لكونها مفاسد، بل لكونها مؤدية إلى مصالح، وذلك كقطع الأيدي المتآكلة حفظا للأرواح، وكالمخاطرة بالأرواح في الجهاد، وكذلك العقوبات الشرعية ... وكذلك التعزيرات، كل هذه مفاسد أوجبها الشرع لتحصيل ما ترتب عليها من المصالح الحقيقة، وتسميتها بالمصالح من مجاز تسمية السبب باسم المسبب

وربما كانت أسباب المفاسد مصالح فينهى الشرع عنها، لا لكونها مصالح، بل لأدائها إلى المفاسد، وذلك كالسعي في تحصيل اللذات المحرمات والشبهات المكروهات ... فإنها مصالح نُهي عنها، لا لكونها مصالح بل لأدائها إلى المفاسد الحقيقة، وتسميتها مفاسد من مجاز تسمية السبب باسم المسبب".

تأمل قوله: "مفاسد أوجبها الشرع"، وقوله: "مصالح نُهي عنها" .. وتخيل أمة تعي مقاصد التشريع ..


خالص تحياتي لكم
  المستشار الأسري
عمر محمود

الجمعة، 10 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (وسيجزي الله الشاكرين)


۞البينة السابعة عشر۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

۞ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

تعد هذه الآية من مجموع الآيات المتتالية في سورة آل عمران؛ التي نزلت في أصحاب النبي تربيهم في حادث أحد ..

بعد ان حققوا معادلة النصر بفضل الله تعالى .. ثم نزل الرماة من على الجبل ظنا منهم أن المعركة قد انتهت وخالفوا أمر النبي بعدم النزول دون إذنه

فكانت الهزيمة المنكرة .. أول هزيمة للمسلمين .. خاصة بعدما ظفروا على المشركين مرتين .. مرة في بدر الكبرى .. ومرة هاهنا منذ دقائق معدودات وقبل نزول الرماة من على الجبل

وإذا بالمصائب تتوالى .. فتنكسر شوكة المسلمين ويستشهد سيدنا حمزة بن عبد المطلب ومعه كثير ممن ثبتوا ..

ويقع النبي صلوات ربي عليه في الحفرة وتشج رأسه وتكسر رباعيته .. ويشاع بين الناس خبر موته وأنه قد قتل .. فيبدأ المسلمون في الفرار من أرض المعركة ..

أحداث مؤلمة جدا .. حتى من الله عليهم .. وثبت النبي على أرض المعركة ومعه عدد قليل جدا .. واحتمى بجبل أحد ونادى في المسلمين حتى اجتمعوا إليه وبدأ ينظم طريق العودة للمدينة استعدادا للكر مرة ثانية على المشركين بعد لملمة الجراح ..

وقد أظفره الله عليهم في موقعة حمراء الأسد بعدها بساعات

ثم ينزل القرآن الكريم بعدد من الآيات المتتابعة توجيها وعلاجا للمسلمين في أعقاب هذه المعركة

ونقف مع آية من ضمن الآيات .. بل مع جزء عجيب ومعجز للغاية في هذه الآية

۞ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

نقف مع ۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

وكأنما أراد الله - سبحانه - بهذه الحادثة، وبهذه الآية، أن يفطم المسلمين عن تعلقهم الشديد بشخص النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حي بينهم .. وأن يصلهم مباشرة بالنبع .. النبع الذي لم يفجره محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكن جاء فقط ليومئ إليه، ويدعو البشر إلى فيضه المتدفق، كما أومأ إليه من قبله من الرسل، ودعوا القافلة إلى الارتواء منه

وكأنما أراد الله - سبحانه - أن يأخذ بأيديهم، فيصلها مباشرة بالعروة الوثقى .. العروة التي لم يعقدها محمد - صلى الله عليه وسلم - إنما جاء ليعقد بها أيدي البشر، ثم يدعهم عليها ويمضي وهم بها مستمسكون

وكأنما أراد الله - سبحانه - أن يجعل
ارتباط المسلمين بالإسلام مباشرة ،
وأن يجعل عهدهم مع الله مباشرة،
وأن يجعل مسؤوليتهم في هذا العهد أمام الله بلا وسيط 
حتى يستشعروا تبعتهم المباشرة، التي لا يخليهم منها أن يموت الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو يقتل، فهم إنما بايعوا الله .. وهم أمام الله مسؤولون

وكأنما كان الله - سبحانه - يعد الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى - حين تقع - وهو - سبحانه - يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم ..

فشاء أن يدربهم عليها هذا التدريب، وأن يصلهم به هو، وبدعوته الباقية، قبل أن يستبد بهم الدهش والذهول .. ولقد أصيبوا - حين وقعت بالفعل يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - بالدهش والذهول .. حتى لقد وقف عمر - رضي الله عنه - شاهرا سيفه، يهدد به من يقول: إن محمدا قد مات

ولم يثبت إلا أبو بكر ، الموصول القلب بصاحبه، وبقدر الله فيه، الاتصال المباشر الوثيق

وكانت هذه الآية - حين ذكرها وذكر بها المدهوشين الذاهلين - هي النداء الإلهي المسموع، فإذا هم يثوبون ويرجعون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمة المنهج .. وعلى نعمة الإسلام .. حتى ولو مات رسول الله صلوات ربي عليه

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على وضوح الطريق .. وروعة وحكمة التوجيه الإلهي .. وعلى كتاب الله المنزل فيهم

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أنهم في طريق الحق .. لا يضرهم من خذلهم

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمة الثبات على الطريق .. طريق رسول الله .. ويسألون الله العون على استكمال المسير لا يزيغون ولا يبدلون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أن صرفهم عن طريق الزيغ والضلال .. فهم أتباع الحق ومعسكره .. وليسوا في حزب الشيطان

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أنهم به وحده موصولون .. وبكتابه عاملون .. وبسنة نبيه مستمسكون ولدينه قائمون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على بصيرة هداهم إليها .. وعلى جنة وعدهم بها ما داموا عاملين لأجلها

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى .. رغم كثرة المصائب والنوازل .. إن مع العسر يسرا

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞
۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞
۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞




خالص تحياتي لكم
  المستشار الأسري
عمر محمود