الأربعاء، 12 مارس 2014

السم في العسل



جميعنا دون استئناء نتناول هذا السم بل ونضعه بأيدينا في العسل لنشربه وعندما تبدأ أعراض التألم وآثار السم تسري في جسدنا نلوم شخص آخر أنه لم يكن طبيبا ناجحا لينقذنا ؟!

إنها التوقعات التي نضعها لأنفسنا وعن غيرنا في الحياة وحديثي هنا يدور خاصة حول التوقعات في أعقاب العلاقة الأبدية (الزواج).
توقعات عن مدى سعادة الزواج، وتوقعات عن روعة الشريك وأنه سيكون مختلف حتما عن كل ما سمعت ورأيت من نماذج ، توقعات عن نفسك بقولك أنك لن تمر بتجارب الآخرين ولن تتصرف كفلان وفلان وما إلى ذلك من توقعات نضعها وعندما لا تحدث نغضب كثيرا ونبدأ في لوم شريكنا لأنه لم يكن على القدر المطلوب من التوقعات ؟!

لا أقول هنا أن تتشاءم وتتخيل حياتك الجحيم بذاته ولكن أريدك أن تعرف أن هناك خيط رفيع جدا بين الأمل الذي يساوي (حسن الظن) وبين التوقعات المثالية التي تساوي (أحلام اليقظة).
معظمنا إن لم يكن جميعنا يستخدم التوقعات وليس الأمل فما الفرق بينهما؟
    1)   التوقعات: أن تضع في مخيلتك طريقة تصرف معينة لشريكك وإذا خرج أو حاد عنها فهو سيء وقد خذلك ولا يستحقك.
    2)   الأمل: أن تضع في عقلك أن علاقتك بشريكك وحياتك وجميع أمورك ستكون على مايرام بأمر الله وإن لم تكن فستأخذ مسئولية اصلاحها أو تغييرها تماما وهذا لا يعني بالضرورة سوء شريكك أو خذلانه لك (إلا في بعض المواقف بالطبع).

فمن أسوأ الأشياء التي يمكن أن تفعلها في بداية علاقتك الزوجية أن تضع توقعات لأنه إذا حدث وخلف شريكك توقعاتك فستصبح ناقم عليه وتستولي الأفكار السلبية عليك فتظن أن خدعك وأنه مثل عليك الحب وأنه وأنه .... وهكذا.

كذلك في تعاملك بمبدأ التوقعات سلبيات كثيرة منها:
   1-   أنك تجعل نفسك في دور القاضي لأنه عندما لا يحدث ما تتوقع تبدأ في الحكم على الآخرين وانتقادهم بالسوء وهذا يجعل حياتك أنت أولا تعيسة ويجعل الآخرين ينفضوا من حولك لأنك تعيش دور (القاضي والضحية في نفس الوقت).
   2-   تعرض نفسك لذنب ظلم الناس فربما تكون مخطئا عندما تسعى لإخبار من حولك بمدى أنانية شريكك أو سوءه أو خداعه فهو في الغالب مظلوم لأنك لم تحترم حدوده وإمكانيته وطريقته في تقديم الحب (سأفرد مقال آخر عن حدود الإنسان في تقديم الحب) ولا تتوقع منه أن يكون مثلك وأن يرضي توقعاتك المثالية.

لكل إنسان منا طريقة مختلفة في التعبير عن الحب تعرف على طريقة شريكك وأخبره عن طريقتك حتى لا تتصادما ولا تحاول فرض طريقتك عليه لأنك بذلك تحاول تغييره والإنسان بطبعه يكره التغيير في حد ذاته فهو يكره التغيير الذي يحدثه بيديه ويستصعبه فما بالك بالتغيير الذي يريده منه شخص آخر.

إذن ما العمل الآن؟
ضع آمالك مع شريكك : تحدث معه عن الكيفية التي تريد بها أن تتواصلا في علاقتكما الزوجية وتربية أبناءكما فهذا سيسهل الكثير من الأمور ويجعل التواصل فعال والعلاقة وطيدة وهنا فقط عندما يخلف أحدكما هذا الإتفاق من حق كل منكما أن يغضب وأن يراجع شريكه.

والأفضل أن تبدأ عتابك بأن تسأله عن سبب ذلك التصرف وإنك تود لو أنه تصرف بطريقة أخرى وتتناقشا وحاول أن تتقبل وجهة نظره وعذره حتى تصلا إلى بر سلام وتتجنبا الكثير والكثير من المشكلات التي يكون سببا من أسبابها الرئيسية هو ذلك السم في العسل المسمى بالتوقعات.

بقلمي
أميـــ محمد ـــــــرة


كلية الزواج السعيد
انتظروا جديدنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق