الجمعة، 10 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (وسيجزي الله الشاكرين)


۞البينة السابعة عشر۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

۞ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

تعد هذه الآية من مجموع الآيات المتتالية في سورة آل عمران؛ التي نزلت في أصحاب النبي تربيهم في حادث أحد ..

بعد ان حققوا معادلة النصر بفضل الله تعالى .. ثم نزل الرماة من على الجبل ظنا منهم أن المعركة قد انتهت وخالفوا أمر النبي بعدم النزول دون إذنه

فكانت الهزيمة المنكرة .. أول هزيمة للمسلمين .. خاصة بعدما ظفروا على المشركين مرتين .. مرة في بدر الكبرى .. ومرة هاهنا منذ دقائق معدودات وقبل نزول الرماة من على الجبل

وإذا بالمصائب تتوالى .. فتنكسر شوكة المسلمين ويستشهد سيدنا حمزة بن عبد المطلب ومعه كثير ممن ثبتوا ..

ويقع النبي صلوات ربي عليه في الحفرة وتشج رأسه وتكسر رباعيته .. ويشاع بين الناس خبر موته وأنه قد قتل .. فيبدأ المسلمون في الفرار من أرض المعركة ..

أحداث مؤلمة جدا .. حتى من الله عليهم .. وثبت النبي على أرض المعركة ومعه عدد قليل جدا .. واحتمى بجبل أحد ونادى في المسلمين حتى اجتمعوا إليه وبدأ ينظم طريق العودة للمدينة استعدادا للكر مرة ثانية على المشركين بعد لملمة الجراح ..

وقد أظفره الله عليهم في موقعة حمراء الأسد بعدها بساعات

ثم ينزل القرآن الكريم بعدد من الآيات المتتابعة توجيها وعلاجا للمسلمين في أعقاب هذه المعركة

ونقف مع آية من ضمن الآيات .. بل مع جزء عجيب ومعجز للغاية في هذه الآية

۞ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

نقف مع ۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

وكأنما أراد الله - سبحانه - بهذه الحادثة، وبهذه الآية، أن يفطم المسلمين عن تعلقهم الشديد بشخص النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حي بينهم .. وأن يصلهم مباشرة بالنبع .. النبع الذي لم يفجره محمد - صلى الله عليه وسلم - ولكن جاء فقط ليومئ إليه، ويدعو البشر إلى فيضه المتدفق، كما أومأ إليه من قبله من الرسل، ودعوا القافلة إلى الارتواء منه

وكأنما أراد الله - سبحانه - أن يأخذ بأيديهم، فيصلها مباشرة بالعروة الوثقى .. العروة التي لم يعقدها محمد - صلى الله عليه وسلم - إنما جاء ليعقد بها أيدي البشر، ثم يدعهم عليها ويمضي وهم بها مستمسكون

وكأنما أراد الله - سبحانه - أن يجعل
ارتباط المسلمين بالإسلام مباشرة ،
وأن يجعل عهدهم مع الله مباشرة،
وأن يجعل مسؤوليتهم في هذا العهد أمام الله بلا وسيط 
حتى يستشعروا تبعتهم المباشرة، التي لا يخليهم منها أن يموت الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو يقتل، فهم إنما بايعوا الله .. وهم أمام الله مسؤولون

وكأنما كان الله - سبحانه - يعد الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى - حين تقع - وهو - سبحانه - يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم ..

فشاء أن يدربهم عليها هذا التدريب، وأن يصلهم به هو، وبدعوته الباقية، قبل أن يستبد بهم الدهش والذهول .. ولقد أصيبوا - حين وقعت بالفعل يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - بالدهش والذهول .. حتى لقد وقف عمر - رضي الله عنه - شاهرا سيفه، يهدد به من يقول: إن محمدا قد مات

ولم يثبت إلا أبو بكر ، الموصول القلب بصاحبه، وبقدر الله فيه، الاتصال المباشر الوثيق

وكانت هذه الآية - حين ذكرها وذكر بها المدهوشين الذاهلين - هي النداء الإلهي المسموع، فإذا هم يثوبون ويرجعون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمة المنهج .. وعلى نعمة الإسلام .. حتى ولو مات رسول الله صلوات ربي عليه

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على وضوح الطريق .. وروعة وحكمة التوجيه الإلهي .. وعلى كتاب الله المنزل فيهم

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أنهم في طريق الحق .. لا يضرهم من خذلهم

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمة الثبات على الطريق .. طريق رسول الله .. ويسألون الله العون على استكمال المسير لا يزيغون ولا يبدلون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أن صرفهم عن طريق الزيغ والضلال .. فهم أتباع الحق ومعسكره .. وليسوا في حزب الشيطان

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على أنهم به وحده موصولون .. وبكتابه عاملون .. وبسنة نبيه مستمسكون ولدينه قائمون

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على بصيرة هداهم إليها .. وعلى جنة وعدهم بها ما داموا عاملين لأجلها

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞

على نعمه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى .. رغم كثرة المصائب والنوازل .. إن مع العسر يسرا

۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞
۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞
۞ وَسَيَجْزِي اللَّهَ الشَّاكِرِينَ ۞




خالص تحياتي لكم
  المستشار الأسري
عمر محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق