الأحد، 5 أبريل 2020

رمضان شهر البينات (حديث المكاشفة)


۞البينة الخامسة عشر۞

۩۞۩¤═۞═¤۩۞۩

يقول المولى جل وعلا

۞ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ۞ حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

حديث اليوم حديث المكاشفة .. قبل موقف العرض على الجبار سبحانه .. القاهر فوق عباده

نعم .. المكاشفة مع النفس والوقوف على الحقيقة التي يعلمها الجميع قبل أن يقرع الله بها سمعهم ونفوسهم يوم الدين ويزلزلهم بها

واستمع معي لقول الحق ..

۞ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ۞

من كل أمة منذ البداية .. منذ آدم عليه السلام وحتى نهاية الخلائق .. سيأخذ الله فوج المكذبين بآياته من كل الأمم ويسوقهم سوقا فهم يوزعون .. وزعة ترد أولهم على آخرهم ..

ثم يزلزل كيانهم بسؤاله سبحانه لهم .. ۞ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

تخيل رب البرية سبحانه .. الجبار .. القاهر فوق عباده .. يقرع أسماعهم وقلوبهم في استنكار وتوبيخ وتقريع وزلزلة 

۞ أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

يا لهول الموقف .. أعاذنا الله وإياكم .. تخيلوا .. أحدنا في هذا الموقف والجبار يناديه .. ۞ أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

ومن هول الموقف وعظيم جرمهم وانصرافهم عن آيات الله .. لا يجدون للسؤال جوابا

۞ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ ۞

ولكي تتخيل رهبة الموقف .. عليك أن تدرك سياق السورة التي وردت فيها الآيات

فالله تعالى بدأ السورة بذكر سيدنا موسى عليه السلام مع قومه وكيف كانت نهايتهم بعد ان أطلعهم الله على آياته التي أنزلها على موسى

ثم ذكر حال سيدنا داوود وسيدنا سليمان عليهما السلام وحجم الملك الذي أنعم به عليهما .. وكيف ورث سليمان داوود

ثم ذكر بلقيس مع سيدنا سليمان وقصة الهدهد .. وكيف كانت عاقبتها خيرا لما آمنت بما رأت من آيات الله المنزلة على سليمان

ثم ذكر قصة سيدنا صالح مع قومه ثمود وقد أنزل الله إليهم آيته (الناقة) .. وكيف كذبوا بها وتآمر عليها القوم بإيعاذ من  تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون .. فعقروها .. وكيف كانت عاقبتهم لما كذبوا بتلك الآية

ثم ذكر قصة لوط مع قومه .. كيف كانت عاقبتهم إذ رأو ما أنزل الله على إبراهيم عليه السلام من آيات وسمعوا بها .. وجاءهم لوط عليه السلام نذيرا لقبيح فعلهم فكذبوه وكذبوا دعوته فأخذهم الله بالعذاب

ثم يقول الله لنبيه محمد صلوات ربي عليه بعد عرض هذه المواقف

۞ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ۞

ثم يبدأ الله خطابه لأمة النبي الخاتم بعد هذا العرض المبين لآياته ورسله والمكذبين ونهاياتهم

خطابا موجه للجميع مؤمنين وكافرين يعجزهم بعظيم خلقه

۞ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ۞  أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ۞ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ ۞ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۞ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ۞ قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ۞ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ۞ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ ۞ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ۞ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ۞

لقد خاطب الله البشر جميعا بعظيم خلقه ونعمه الكبرى وآلائه عليهم .. وأمرهم أن يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة المكذبين

وتلك غاية المقال هاهنا

فقبل المثول بين يدي الله تعالى في هذا المشهد المهيب المزلزل ۞ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ۞ حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

على كل واحد فينا أن يراجع نفسه وينظر في الأمور من حوله جيدا .. ويبحث عن الحقيقة بجهد .. ويظتلمس الحق بآيات الله لا بأقوال البشر ووجهات نظرهم وفلسفتهم

آيات الله بينة .. واضحة .. جلية .. لا مراء فيها

ويوم القيامة سيكون السؤال .. أمرتك أن تسير في الأرض

۞ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ۞

فماذا فعلت .. وهل نظرت لآياتي .. وماذا فعلت بعد أن بصرت بها

۞ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞

الأمر شديد .. فنحن في زمان فتن .. ولا ملجأ لنا سوى الالتفاف حول آيات الله .. والبعد كل البعد عن الفلسفات والأهواء

فيوم الزلزلة قريب .. تزلزل الأرض زلزالها .. والله يزلزل قلوب المكذبين بسؤاله عن آياته النازلة عليهم في كل زمان وفي كل حال ..

أسأل الله لي ولكم النجاة .. والعافية .. وأن نكون من المستبصرين لآياته في الدنيا قبل أن يصرف أعيننا عنها

وأعوذ بالله لي ولكم أن نكون من هؤلاء

۞ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ۞

اللهم آمين آمين آمين



خالص تحياتي لكم
  المستشار الأسري
عمر محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق